فصل: من لطائف القشيري في الآية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ونلحظ أن قول الحق: {وتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ} تأتي بعد {أَفَغَيْرَ الله أَبْتَغِي حَكَمًا}، واستقرئ موكب الرسالات من لدن آدم، وانظر إلى حكم الله بين المبطلين والمحقين، وبين المهتدين والضالين: إنه الحق القائل: {فَكُلًا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا} [العنكبوت: 40]
والحاصب هو الريح التي تهب محملة بالحصى وكانت عقوبة لقوم عاد. {وَمِنْهُمْ مَّنْ أَخَذَتْهُ الصيحة} [العنكبوت: 40]
وهم قوم ثمود، يسميها مرة الصيحة، وأخرى يسميها الطاغية: {فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بالطاغية} [الحاقة: 5]
ومرة يخسف بهم الأرض مثلما فعل مع قارون: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأرض} وكذلك: {وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا}.
وقد أغرق الله قوم فرعون وكذلك أغرق- من قبلهم- المكذبين لنوح. إذن كل قوم أخذوا حكم الله عليهم، لكنك يا محمد مختلف عنهم وكذلك أمة محمد التي أصبحت مأمونة على الوصية، وعلى المنهج، ولذلك قال الحق: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حتى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15] وبعد أن بعث الحق رسوله صلى الله عليه وسلم قال: {وَمَا كَانَ الله لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ} [الأنفال: 33]
إذن {تَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ}، وهي الفصل النهائي: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا المرسلين إِنَّهُمْ لَهُمُ المنصورون وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الغالبون} [الصافات: 171-173]
وأنتم المنصورون لأنكم منسوبون إلى منهج غالب، والنصر للمنهج الغالب يقتضي الإخلاص، فإن تنصروا المنهج باتباعه ينصركم من أنزل المنهج، فهو القائل: {لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِي...} [المجادلة: 21]
وما قاله كان هو الواقع وما جاء به الواقع كان مطابقًا للكلام. {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا...} [الأنعام: 115]
أي وافق الواقع الكوني ما قال الله به وكيف كان الواقع صادقًا وعادلًا في آن واحد؟ لنفرض أنك أحضرت مدرسًا خصوصيًّا لولدك، وصادف أنه هو الذي يدرس في المدرسة وهو الذي يدرس لابنك ثم قلت له: أريد أن ينجح الولد في الامتحان. ووعد المدرس بذلك ثم جاء الامتحان ونجح الولد، فتكون كلمة المدرس قد صدقت. لكن هل هذا عدل؟ قد يكون المدرس هو واضع الأسئلة ولّمح للولد بالأسئلة، ويكون النجاح حينئذٍ غير عادل، لكن كلمة الله تجيء مطابقة لما قال، موقعها مطابق لما قال، وهي كذلك عدل؛ لأنه سبحانه أوضح الثواب والعقاب: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا}. لأنه لا مبدل لكلمات الله، ولا يوجد إله آخر يعارضه فله سبحانه طلاقة القدرة.
أما بالنسبة للبشر فقد علَّم الله عباده احتياط الصدق في كلامهم؛ فأوصاهم: {وَلاَ تَقْولَنَّ لِشَاْيءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذلك غَدًا إِلاَّ أَن يَشَاءَ الله...} [الكهف: 23-24]
لأن فعل ذلك غدًا والإتيان به وإحداثه هو أمر يتعلق بالمستقبل الذي لا نتحكم فيه، فاحم نفسك وقل: إن شاء الله، فإن لم يحدث يمكنك أن تقول: لم يشأ ربنا حدوث ما وعدت به، وبذلك يحمي الإنسان نفسه من أن يكون كاذبًا ويجعل نفسه صادقًا فلا يتكلم إلاَّ على وفق ما عنده من قوانين الفعل وعدم الفعل؛ لأنه عندما تقول: أفعل ذلك غدًا. ماذا ستفعل غدًا وأنت لا تضمن نفسك وحياتك وظروفك؟! لكن الله إذا قال: سأفعل فله طلاقة القدرة.
{وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السميع العليم} [الأنعام: 115]
ومادامت الكلمات ستتحقق والحكم سيصدر فهذا دليل على أنه سبحانه سميع لما قالوه في عدواتهم، وعليهم بما دبروه من مكائدهم، وهو القائل من قبل: {وَإِنَّ الشياطين لَيُوحُونَ إلى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ...} [الأنعام: 121]
أي ليعلموهم بخفاء، فإن كان كلامهم ظاهرًا فهو مسموع، وإن كان بخفاء فهو معلوم. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115)}
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {وتمت كلمة ربك صدقًا وعدلًا} قال: صدقًا فيما وعد، وعدلًا فيما حكم.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وأبو نصر السجزي في الابانة عن محمد بن كعب القرظي في قوله: {لا مبدل لكلماته} قال: لا تبديل لشيء. قاله في الدنيا والآخرة، كقوله: {ما يبدل القول لدي} [سورة ق: 29].
وأخرج ابن مردويه عن أبي اليمان جابر بن عبد الله قال: «دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد الحرام يوم فتح مكة ومعه مخصرة ولكل قوم صنم يعبدونه، فنجعل يأتيها صنمًا صنمًا ويطعن في صدر الصنم بعصا ثم يعقره، كلما صرع صنمًا أتبعه الناس ضربًا بالفؤوس حتى يكسرونه ويطرحونه خارجًا من المسجد، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: {وتمت كلمة ربك صدقًا وعدلًا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم}».
وأخرج ابن مردويه وابن النجار عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {وتمت كلمة ربك صدقًا وعدلًا} قال: «لا إله إلا الله».
وأخرج البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوّذُ الحسن والحسين رضي الله عنهما: أعيذكما بكلمات الله التامة من شيطان وهامة، ومن كل عين لامة، ثم يقول: كان أبوكم إبراهيم يعوّذ بها إسماعيل وإسحاق».
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي والنسائي وابن ماجة والبيهقي عن خولة بن حكيم «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من نزل منزلًا فقال: أعوذ بكلمات الله التامات كلها من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك».
وأخرج مسلم والنسائي والبيهقي عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا رسول الله ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة؟ قال: أما إنك لو قلت حيث أمسيت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم تضرك».
وأخرج أبو داود والنسائي وابن أبي الدنيا والبيهقي عن علي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول عند مضجعه «اللهم إني أعوذ بوجهك الكريم وكلماتك التامة من شر ما أنت آخذ بناصيته اللهم أنت تكشف المغرم والمأثم، اللهم لا يهزم جندك، ولا يخلف وعدك، ولا ينفع ذا الجد من الجد، سبحانك وبحمدك».
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن محمد بن يحيى بن حبان «ان الوليد بن الوليد شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الأرق حديث النفس بالليل فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أويت إلى فراشك فقل: أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه، ومن شر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون، فإنه لن يضرك وحريٌّ أن لا يقربك».
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن أبي التياح قال: قال رجل لعبد الرحمن بن خنبش: كيف صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كادته الشياطين؟ قال: نعم، تحدرت الشياطين من الجبال والأودية يريدون رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيهم شيطان معه شعلة من نار يريد أن يحرق بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم فزع منهم، وجاءه جبريل فقال: يا محمد قل. قال: ما أقول؟ قال: قل «أعوذ بكلمات الله التامات اللاتي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما خلق وبرأ وذرأ، ومن شر ما ينزل من السماء ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ في الأرض وما يخرج منها، ومن شر فتن الليل والنهار، ومن شر كل طارق إلا طارقًا يطرق بخير يا رحمن. قال: فطفئت نار الشياطين وهزمهم الله عز وجل».
وأخرج النسائي والبيهقي عن ابن مسعود قال: لما كان ليلة الجن أقبل عفريت من الجن في يده شعلة من نار، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن، فلا يزداد إلا قربًا فقال له جبريل: أَلاَ أعلمك كلمات تقولهن ينكب منها لفيه وتطفأ شعلته؟ قل «أعوذ بوجه الله الكريم، وكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما ينزل من السماء ومن شر ما يهرج فيها، ومن شر ما ذرأ في الأرض ومن شر ما يخرج منها، ومن شر فتن الليل والنهار، ومن شر طوارق الليل، ومن شر كل طارق إلا طارقًا يطرق بخير يا رحمن. فقالها فانكب لفيه وطفئت شعلته».
وأخرج ابن أبي شيبة عن مكحول «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة تلقته الجن بالشرر يرمونه، فقال جبريل: تعوّذ يا محمد. فتعوّذ بهؤلاء فدحروا عنه فقال: أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما نزل من السماء وما يعرج منها، ومن شر ما بث في الأرض وما يخرج منها، ومن شر الليل والنهار، ومن شر كل طارق إلا طارقًا يطرق بخير يا رحمن». اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال ابن عادل:
في نصب {صِدْقًا وعَدْلًا} ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يَكُونا مَصْدَرَيْن في مَوِضِع الحال، أي: تَمَّتَ الكَلِمَات صَادِقَات في الوَعْد، عَادِلات في الوعيدِ.
الثاني: أنهما نَصْب على التَّمْييز.
قال ابن عطيَّة: وهو غَيْر صَوَاب وممن قَالَ بِكَوْنه تَمِييزًا: الطَّبِريُّ، وأبُو البقاء.
الثالث: أنهما نصب على المَفْعُول من أجْله، أي: تَمَّتْ لأجْل الصِّدْق والعَدْل الواقِعَين مِنْهُما، وهو مَحَلُّ نظر، ذكر هذا الوَجْه أبُو البَقَاء.
وقرأ الكوفِيُّون هنا، وفي يونس في قوله: {كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الذين فسقوا} [يونس: 33]، {إِنَّ الذين حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ} [يونس: 96] موضعان، فوي غافر: {وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ} [غافر: 6] {كلمة} بالإفراد، وافقهم ابنُ كثير، وأبو عمرو على مَا في يُونُس وغافر، دون هذه السُّورة، والباقون: بالجَمع في المَواضِع الثُّلاثة.
قال أبو حيَّان: قرأ الكُوفِيُّون هُنَا وفي يُونُس في الموضعين وفي المؤمن: {كلمة} بالإفْرَاد، ونَافِع جميع ذلك {كلمات} بالجَمع، تابعه أبُو عَمْرو، وبان كثير هُنَا.
قال شهاب الدِّين: كيف نَسِي ابن عامر؟ لا يُقَال: إنَّه قد أسْقَطَه النَّاسِخ وكان الأصْل ونَافِع وابن عامر؛ لأنَّه قال: تَابَعَه ولو كان كَذَلِكَ، لقال: تَابَعَهُمَا.
ووجه الإفراد: إرادة الجِنْس، وهو نظير: رسالته ورسالاته.
وقولهم: قال زهير في كلمته، أي: قصيدته، وقال قُسّ في كَلمته، أي: خُطْبَته، فكذا مَجْمُوع القُرآن العَظِيم، وقراءة الجَمْع ظَاهِرة؛ لأن كَلِمَاته- تعالى مَتْبُوعة بالنِّسْبة إلى الأمْر، والنَّهِي، والوعد، والوعيد وأراد بالكلمات: أمْرَه ونَهْيَهُ ووعْدَه ووَعِيدَه، في الأمْر والنَّهْي.
وقال قتادة: ومُقاتل: صِدْقًا فيما وعد عدلًا فيما حَكَم، وهذا الكلام كما يَدُل على أن الخُلْف في وَعْد اللَّه مُحَال؛ فيدلُّ أيضًا: على أنَّ الخُلْفَ في وعيده مُحَال، بخلاف ما قالهُ الوَاحِدِيّ في تَفْسِير قوله- تبارك وتعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} [النساء: 93] إن الخُلْف في وعيد اللَّه جَائِزٌ، لأن وعد اللَّه ووعِيدَه كلمة اللَّه، فيجب كَوْنَها موصُوفَةٌ بالصِّدق؛ لأن الكذب نَقْص، والنَّقْص على اللَّه مُحَال، ولا يَجُوز إثْبات أنَّ الكَذِب على اللَّه مُحَال، فلو أثبتنا امتِنَاع أن الكذب على الله مُحَال لزم الدَّوْر، وهو بَاطِل، وأجْمَعُوا على الجَمْع في قوله: وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا {لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ} {وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ الله} [الأنعام: 34].
قوله: {لا مبدِّل لِكلماتِه} يحتمل أن يكُون لَهَا مَحلُّ من الإعراب؛ لأنَّها مُسْتَأنفة، وأن تكون جُمْلة حَاليّضة من فاعل {تَمَّتْ}.
فإن قُلْت: فأين الرَّابِط بين ذي الحَالِ، والحَالِ؟
فالجواب أنَّ الرَّبْط حصل بالظَّاهر، والأصْل: لا مبدِّل لها، وإنَّما أبرزت ظَاهِرة؛ تَعْظِيمًا لها ولإضافتها إلى لَفْظ الجلالة الشَّريفة.
قال أبو البَقَاء: ولا يجُوز حالًا من {ربِّك} لئلا يُفْصَلَ بين الحَالِ وصاحبها الأجْنَبِيِّ، وهو: {صدقًا وعدلًا} إلا أن يُجْعَلَ {صِدْقًا وعَدْلًا}: حالًا من {ربِّك} لا من الكَلِمَات.
قال شهاب الدِّين: فإنه إذا جعل {صدقًا وعدلًا}: حالًا من {ربِّك} لم يَلْزَمْ منه فَصْلٌ؛ لأنَّها حالان لذي حال، ولكنّ قَاعدته تَمْنَع تَعَدُّد الحال لذي حالٍ واحدة، وتمنع أيضًا مَجِيء الحَالِ من المُضاف إلَيْه، وإن كان المُضَاف بَعْض الثُّانِي، ولم يُمْنعن هنا بِشَيْء من ذلك، والرسم في {كَلِمَات} في المواضعِ الِّتِي أشَرْتُ إلى اخْتِلاف القُرَّاء فيها مُحْتَمِل لِخِلافِهِهم، فإنه في المُصْحَف الكَرِيم من غير ألِف بعد الميم.
وقوله تعالى: {إن يتَّبْعُون}، و{إن إلا يَخْرصُون} {إن} نافية، بمعنى: ما في الموضعين والخَرْص: الحَزْر ويُعَتبر به عن الكذب والافْتِراء، وأصله من التَّظَنِّي، وهو قول ما لم يُسْتَيْقَن، ويتحقق؛ قاله الأزْهِري.
ومنه خرص النَّخل، يقال: خَرَصًها الخَارِص خَرْصًا، فهي خِرْص فالمَفْتُوح مَصْدر، ولا مكْسُور بِمَعْنَى: مَفْعُول؛ كالنَّقض والنِّقض، والذَّبْح. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري في الآية:

قال عليه الرحمة:
{وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115)}
تقدَّسَتْ عن التغيير ذاتُه، وتنزهت عن التبديل صفاتُه. والتمام ينفي النقصان. وكلُّ نقصانٍ فمن الحَدَثِ أصلُه، وأَنَّى بالنقص- والقِدَمُ وصفُه؟. اهـ.

.قال القاسمي:

قال السيوطي في (الإكليل):
يستدل به من قال: إن اليهود والنصارى لم يبدلوا لفظ التوراة والإنجيل، وإنما بدلوا المعنى، لأن كلمات الله لا تبدل اهـ.
وهو رواية ابن عباس- أخرجها البخارى في آخر صحيحه وبسط المقام في ذلك الحافظ ابن حجر في فتح البارى. اهـ.

.قال الحافظ ابن حجر:

قَوْله: بَاب قَوْل اللَّه تَعَالَى: {بَلْ هُوَ قُرْآن مَجِيد فِي لَوْح مَحْفُوظ}.
قَالَ الْبُخَارِيّ فِي خَلْق أَفْعَال الْعِبَاد بَعْد أَنْ ذَكَرَ هَذِهِ الْآيَة وَاَلَّذِي بَعْدهَا: قَدْ ذَكَرَ اللَّه أَنَّ الْقُرْآن يُحْفَظ وَيُسْطَر، وَالْقُرْآن الْمُوعَى فِي الْقُلُوب الْمَسْطُورِ فِي الْمَصَاحِف الْمَتْلُوّ بِالْأَلْسِنَةِ كَلَام اللَّه لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ، وَأَمَّا الْمِدَاد وَالْوَرَق وَالْجِلْد فَإِنَّهُ مَخْلُوق.
قَوْله: {وَالطُّور وَكِتَاب مَسْطُور} قَالَ قَتَادَةُ: مَكْتُوب.